الشهيد زكريا العماوي..إمام مسجد وخطيب مفوّه ومجاهد من طراز فريد

ودّع إخوانه وأهله وهو في طريقه إلى الرباط..الشهيد زكريا العماوي..إمام مسجد وخطيب مفوّه ومجاهد من طراز فريد

لله دربك يا زكريا، فما كنت احسب قبل مواراتك في الثرى أن الكواكب في التراب تغور، ولكن عزاؤنا فيك انك صرت مدرسة في الجهاد والمقاومة، لكنه قدر الله الذي اصطفاك، ليبسم في محياك الرجاء، كنت نموذجاً فريداً للتضحية والفداء، فجاءت الشهادة إليك مسرعة، فنم قرير العين يا زكريا، وهنيئاً لك هذا الاصطفاء الرباني، فحقاً "إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا".

ميلاده ونشأته:

تدور قصتنا العطرة في هذا العدد عن حياة الشهيد المجاهد زكريا سليمان العيماوي 20عاماً، العضو في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، من مواليد عام 1988م، ببلدة القرارة شرق محافظة خان يونس، حيث ينتمي شهيدنا زكريا إلى أسرة فلسطينية مؤمنة ملتزمة متواضعة، يعمل معظم أبنائها في القطاع الزراعي الذي دمره الاحتلال الصهيوني خلال اجتياحاته المتكررة للمناطق المحاذية للشريط الحدودي مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويشار إلى أن الشهيد زكريا كان من الطلبة المتفوقين في دراستهم طوال المراحل التعليمية الأساسية و الإعدادية بمدارس القرارة، ولقد أنهى بتفوق المرحلة الثانوية من مدرسة المنفلوطي بمنطقة القرارة بمعدل 92% أهله بجدارة أن يلتحق بقسم الهندسة بالجامعة الإسلامية بغزة .

وقد ظل شهيدنا العيماوي محافظاً على تفوقه الدراسي حتى في دراسته الجامعية رغم عمله الدعوي والجهادي، حيث تخصص في قسم هندسة مدنية في السنة الثانية.

صفاته وأخلاقه:

حدثنا أبو رامز أحد رفاق الشهيد عنه قائلاً :" لقد كان رحمه رجل خفيف الظل، فقيهاً ذو علم وبصيرة، حريص على قيام الليل، وصيام النهار" وتابع " كنا نجلس معه لساعات طوال دون أن نمل من حديثه و حلاوة لسانه كان لا يتكلم إلا بما فيه خير وصلاح للبشرية، وعشق لمحمد صلى الله عليه وسلم و صحبه رضوان الله عليهم".

فيما تحدث رفيقه "إبراهيم" عن أخلاق الشهيد قائلاً :" لقد كان رحمه الله شابا مؤمنا على درجة عالية من الإيمان والوقار، يتمتع بخلق رفيع وسيرة طيبة بين الناس الذين بكوا لحظة سماع نبأ استشهاده". مشيرا إلى أن الشهيد زكريا كان حافظاً لكتاب الله، وإماماً لمسجد الظهير بمنطقة القرارة، وخطيب لامع ومفوه.

وفي سياق الحديث أشار إبراهيم إلى أن الشهيد كان رجل بكّاء يحزنه ويبكيه كثيرا حالة أمته، وما ألم بها من فرقة وانكسار وضعف وعجز، أمام الظلم والمذابح التي يتعرض لها شعبه الجريح على أيدي بني صهيون دون أن يحرك أحد ساكنا لإنقاذهم أو لرفع الظلم عنهم.

مشواره الجهادي:

من جانبه أوضح أبو مجاهد احد قادة سرايا القدس في منطقة القرارة في لقاء خاص له أن الشهيد العيماوي كان من خيرة الشباب المؤمن الزاهد، الذين التحقوا بصفوف حركة الجهاد الإسلامي، ومن ثم انضم بعد إلحاح شديد من قبله إلى الجناح العسكري سرايا القدس في عام 2006 حيث تلقى العديد من الدورات العسكرية كان أهمها دورة إعداد استشهاديين التي أشرف عليها الشهيد القائد محمد شتات المصري "أبو البراء".

وأكد أبو مجاهد أن الشهيد كان شديد الإلحاح قوي الحجة باحثاً عن الرباط على الثغور لما فيه عظيم الأجر والثواب عند الله، متمنياً أن يقتل مرابطاً على ثغر من ثغور أرض الرباط لكي يسجل له هذا الأجر حتى قيام الساعة، مشيرا إلى أن الشهيد كان يردد دوماً:" أن الجهاد غاية و لكن رضاء الله ولقاءه تعالى أفضل ما أتمنى".

قصة الاستشهاد:

في ساعات المساء الأولى من يوم الخميس الموافق 6/3/2008م، خرج الشهيد زكريا، ورفاقه الشهداء فادي وسائد أبو هداف بعدما صلوا العشاء في جماعة وودعه الأهل والأحباب، للرباط على الثغور في نقطة رباط متقدمة لا تبعد عن الشريط الحدودي بضع مئات الأمتار.

وبينما هم كذلك، ينتظرون لحظة الإجهاز على أعدائهم الذين دأبوا ارتياد المنطقة تحت جنح الظلام، إذ بثلاث قذائف مدفعية تسقط في المكان الذي كانوا يرابطون فيه، ما أدى إلى استشهادهم على الفور.

جدير بالذكر أن الشهيد زكريا العيماوي لم تنشر له أية صورة على الإطلاق بعد استشهاده، وذلك نزولا عند رغبته التي أوصى بها إخوانه وأهله ومحبيه من المجاهدين.

هكذا رحل الشهيد زكريا العيماوي عن الحياة، وهكذا تمضي قوافل الشهداء، و لا نزكي على الله أحد.

رحم اللة الشهيد زكريا العماوي

كان رحمه رجل خفيف الظل، فقيهاً ذو علم وبصيرة، حريص على قيام الليل

مشكور اخي الكريم

وبارك الله فيك